أسباب صدور قانون مكافحة الإرهاب (03.03) بالمغرب
يمكن حصر هذه الأسباب أو الدوافع التي كانت وراء إصدار الإرهاب المشرع المغربي لقانون سببين رئيسيين أولهما التزايد الخطير لظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي، وثانيهما غياب نصوص تشريعية مختصة قادرة على صد ومكافحة هذه الظاهرة.
الفقرة الأولى: تزايد ظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي.
جاء في المذكرة التقديمية لمشروع قانون مكافحة الإرهاب: تعرف الظاهرة الإجرامية تطورا كبيرا، وقد انتقلت في يومنا الحالي من مرحلة العمل العفوي إلى مرحلة العمل المنظم في إطار مشاريع إجرامية تستخدم فيها أحدث التقنيات والاختراعات العلمية والتكنولوجية، يستهدف الجناة من ورائها زعزعة الأمن والنظام العامين والمس بسلامة وحياة الأفراد، وتخريب المنشآت والمرافق العامة أو الخاصة والنيل من هيبة الدولة وشموخها في أنظار مواطنيها وأنظار المجتمع الدولي .
من هنا نجد أن الجريمة الإرهابية أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد الحياة اليومية للإنسان في أي مكان في العالم ، كما تهدد أمن وسلامة المجتمعات ككل وتكمن خطورتها في اعتمادها على بث الرعب في النفوس وفي كون مرتكبيها لا يتورعون عن استهداف الجميع بدون تمييز بين الأطفال والنساء والشيوخ غايتهم في ذلك إثارة القلاقل والفوضى وزعزعة ثقة الأفراد في قدرة الدولة في حفظ الأمن والسلام.
هذا بالإضافة لما تشكله الجريمة الإرهابية من تهديد مستمر لكيان الدولة، مما يضطرها لتخصيص ميزانيتها ونفقات باهظة للتدبير الأمنية، عوض استثمارها في المشاريع التنموية. ومواكبة لهذه التطورات واعتبارا للاقتناع الراسخ لدى المجتمع الدولي بالضرورة الملحة لوضع استراتيجيات محكمة لمكافحة الجريمة الإرهابية من جهة وزجر مرتكبيها من جهة أخرى، خاصة مع تزايد حجم هذه الظاهرة عبر العالم مما يكشف عن قصور القوانين الحالية في معالجتها.
فالمغرب ظل وإلى حدود العقد الأخير من القرن العشرين بلدا للسلم والأمان وتلاقي الأديان والحضارات إلى أن دخل عليه فجأة هذا الشبح المخيف ليلة الجمعة 16 ماي 2003 ليقوض مضجع المغاربة على لهيب النيران والجثث المتلاشية في إحدى شوارع الدار البيضاء الأبرياء لا ذنب لهم، إلا أنهم اختاروا أن ينفسوا عن أنفسهم قليلا بعد أسبوع شاق من العمل.
لكنه تجدر الإشارة هنا أن بوادر هذه الفاجعة كانت بادية في الأفق مند أحداث الحادي عشر من شتنبر بالولايات المتحدة الأمريكية حيث بدا الحديث عن بعض الخلايا الإرهابية في المغرب، ففي 12 ماي 2002 ألقي القبض على مواطنين سعوديين : هلال جابر العسيري ،وزهير هلال محمد شبتي، رفقة أحد أصهارهم (عبدالمجيد الكارح) مغربي الجنسية، وذلك قرب مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، في الوقت الذي كان أحدهم (زهير الشبتي) يتأهب لمغادرة المغرب، وكانوا رفقة سيدات مغربيات، إثنتان منهما متزوجات بسعوديين من المعتقلين.
وفي يوم 13 ماي 2002 ألقي القبض على السعودي الثالث المسمى عبدالله مسفر الغامدي، رفقة المغربي محمد نديري بأحد المقاهي بمدينة أكادير.
وبينما سيفرج عن الصهر (عبدالمجيد الكارح) بعد استنطاقه بقي السعوديون الثلاثة رهن الاحتجاز بمقر المخابرات إلى حين صدور بلاغ من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء ، بتاريخ 18 يونيو2002 يتحدث عن ضبط خلية نائمة كانت تعتزم القيام بتفجيرات في مضيق جبل طارق لسفن تابعة للحلف الأطلسي ، والقيام بتفجيرات في مضيق جبل طارق لسفن تابعة للحلف الأطلسي، والقيام بتفجيرات في مقهى بمدينة مراكش ( ساحة جامع الفنى) وحافلات ctm وإحالتهم على قاضي التحقيق .
فهذه الأحداث، وقبلها أحداث فندق “هلنستي” بمراكش سنة 1994 ، كانت عبارة عن بوادر واضحة لعمل إرهابي مفجع ينتظره المغرب، خاصة إذا استحضرنا النمو الواضع لبعض المكونات المتطرفة في المغرب، والمتمثلة في :
“السلفية الجهادية”، ” الهجرة والتكفير” ، “الدعوة والتبليغ”، ” الصراط المستقيم”، ” أهل السنة والجماعة”،” تنظيم القاعدة”،” المذهب الشيعي”،” ….، فهذه المكونات الغريبة عن الجسم المغربي جاءت من المشرق العربي لتنغص على المغاربة حياتهم الهادئة والآمنة.
ففي هذا الجو العام جاءت أحداث 16 ماي 2003، كصدمة عنيفة للمجتمع المغربي، فالأول مرة تقع أحداث إجرامية بهذا العنف وبهذه الوسيلة، فقد فجر أحدى عشر شابا أنفسهم في خمسة أماكن مختلفة بالدار البيضاء مستهدفين فندقا وسط المدينة ” فندق فرح” ومطعمين ” دار إسبانيا” وبوزيتانو “، ومقر الرابطة اليهودية بالقرب من مطعم بوزيتانو، ومدخل المقبرة اليهودية بالمدينة القديمة.
وقد أسفرت الانفجارات عن مقتل 42 شخصا، ز35 منهم مغاربة بما فيهم 11 من الانتحاريين، و7 أجانب كما أسفرت عن حوالي 100 جريح .
وبغض النظر عن خلفيات الأحداث والواقفين وراءها وأسبابها فقد عرفت إجماعا في الإدانة من مختلف أوساط الشعب المغربي سواء تعلق الأمر بالأحزاب السياسية، والنقابات ، ومنظمات حقوق الإنسان، ومختلف منظمات المجتمع المدني، وقواه الحية، والتي عبرت عن تضامنها مع الضحايا وعائلاتهم ، كما اعتبرت هذه الأعمال الإجرامية منافية لتعاليم الدين الإسلامي ونظمت هذه القوى مسيرة بالدارالبيضاء يوم الأحد 25 ماي 2003 لتعلن رفضها وإدانتها للإرهاب والإرهابيين.
وقد اعتبرت السلطات العمومية أن الأحداث الإرهابية لن تثني البلاد عن الاستمرار في مسلسل الإصلاحات وتشييد المروع المجتمعي والديمقراطي ولحداتي، كما حيت موقف المغاربة من هذه الأحداث، مسيرة إلى عزمهم على التصدي بحزم لمروجي التعصب والعنف في إطار سياسة القانون، ونهج استراتيجية شمولية ومتعددة الأبعاد لمحاربة الإرهاب ( سياسة، مؤسساتية، اقتصادية، دينية، تربوية، ثقافية، إعلامية) بهدف تكوين المواطن المتشبع بقيم التفتح والعصرية والاعتدال والتسامح .
وقد أعقبت أحداث الدار البيضاء جملة واسعة من الاعتقالات في مختلف مناطق المغرب، شملت مئات الأشخاص الذين قدموا كمشتبه في تورطهم في أحداث الدار البيضاء ، أو في أعمال إجرامية ذات الصلة بها، كما شملت أشخاصا اعتبروا شيوخا ومنظرين لهذا التنظيم التي أطلقت عليها السلطات الرسمية وجزء كبيرا من وسائل الإعلام اسم ” الجهادية”، ونسبت أليها أحداث 16 ماي 2003، وأحداث عنف أخرى وتمت الاعتقالات في عدة مدن كالدار البيضاء وطنجة وتطوان والناظور وتارة وأكادير وفاس والرباط ومدن أخرى.
وقد أكد وزير العدل محمد بوزوبع ، أن عدد المتابعين أمام المحاكم أثر هذه الاعتقالات بلغ حتى 4 غشت 2003، 1048 متوزعين على 20 محكمة، بشكل المتابعون منهم أحداث 16 ماي 634 متهما.
وقد تحدث الوزير عن توزيع المتهمين على عدة تنظيمات وصفها بالإرهابية وصنفها من حيث الانتماء على 8 مجموعات :
1- السلفية الجهادية 699 شخصا.
2- الهجرة والتكفير 19 شخصا.
3- الدعوة والتبليغ 60 شخصا.
4- العدل والإحسان 120 شخصا.
5- الصراط المستقيم 17 شخصا
6- أهل السنة والجماعة 16 شخصا.
7- تنظيم القاعدة 11 شخصا.
8- المذهب الشيعي 06 شخصا.الفقرة الثانية: ملئ الفراغ التشريعي لظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي
وقد توبع أغلب المعتقلين بتهم مرتبطة بتكوين عصابة إجرامية، وبالقتل العمد والتخريب، والإبداء والمس بسلامة الدولة الداخلية، والمشاركة في ذلك.
وإن كان قد إغلاق ما يسمى بملف الخلية النائمة بصدور أحكام 22 فبراير 2003، فإن جل المحاكمات المرتبطة بأعمال العنف والإرهاب قد جرت في صيف 2003 ( ما بين يوليوز ونهاية شتنبر).
حيث صدرت أحكامها قبل دخول المسطرة الجنائية الجديدة حيز التنفيذ في أكتوبر 2003
فهذه الأحداث هي التي عجلت بخروج قانون الإرهاب إلى حيز الوجود، بعدما ظل معلقا لعدة شهور بسبب معارضة بعض القوى السياسية والحقوقية له، نظرا لما يتضمنه من خروقات سافرة في مجال حقوق الإنسان وفي هذا المجال يقول الملك محمد السادس :” …. وإذا كانت الدولة إدراكا منها للأخطار الإرهابية قد تحملت مسؤوليتها في محاربتها والحرص على الوقاية بمنعها بقوة القانون عن طريق نصوص ظلت معروضة على البرلمان عدة شهور فإن بعض الأوساط عملت على المعارضة المنهجية لتوجهات السلطات العمومية مسيئة استعمال حرية الرأي.
فللجميع أقول…. إن التمتع بالحقوق والحريات يقتضي القيام بواجبات والتزامات المواطنة مؤكد أن بناء الديمقراطية وترسيخها لا يمكن أن يتم إلا في ظل الدولة القوية بسيادة القانون. ولقد دقت ساعة الحقيقة معلنة نهاية زمن التساهل في مواجهة من يستغلون الديمقراطية للنيل من سلطة الدولة أو من يروجون أفكار تشكل تربة خصبة لزرع أشواك الانغلاق والتزمت والفتنة أو يعرقلون قيام السلطات العمومية والقضائية بما يفرضها عليها القانون من وجوب بالحزم في حماية وأمن الأشخاص والممتلكات .
الفقرة الثانية: ملئ الفراغ التشريعي لظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي
وجاء أيضا في المذكرة التقديمية لمشروع القانون (03-03) وبالنظر لمصادقة المملكة المغربية على جملة من المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والقضاء على جريمة المنظمة عبر الوطنية ووفائ بالتزاماتها هذه اتجاه المجتمع الدولي وتفعيلا لالتزامها الدستوري في مواصلة العمل للحفاظ على السلام والأمن، وأمام الفراغ فيما يتعلق بتجريم العمل الإرهابي والعقاب عنه واعتبارا لكون التشريع الجنائي تشريعا يتصف بالمرونة وقابل لمسايرة التطورات الاجتماعية والسياسية وقادر على التصدي لمكافحة المتغيرات والمستجدات، كان يلزم على المشرع أن يتدخل ليساير التغييرات التي تصيب النظام الاجتماعي والاقتصادي ويمنح للسلطات العمومية والآليات القانونية الملائمة والفعالة لتصدي لظاهرة الإرهاب، أخذا بعين الاعتبار خصوصية هذه الظاهرة وخطورتها وعمق أثارها على الكيان الداخلي للمجتمع وسلامته وموقع الأمة في المنتظم الدولي، وانطلاقا من هذه المعطيات جاء الاختيار مشروع قانون يتعلق بمكافحة الإرهاب . وجاء في العرض الذي قدمه محمد بوزبع ، وزير العدل أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، في دورة أبريل 2003، بأن أسباب ودواعي تقديم مشروع قانون (03-03) تهدف بالأساس إلى سد الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة الإرهابية، التي تشكل تهديدا مستمرا لأفراد المجتمعات فكان لزاما على المشرع التدخل ليساير التغييرات التي تصيب النظام الاجتماعي والاقتصادي وتمكين السلطات العمومية من الآليات القانونية الضرورية للتصدي لظاهرة الإرهاب. وأشار السيد الوزير أن المغرب سبق لهم أن وقع سنة 1998 على الاتفاقية العربية المتعلقة بمكافحة الإرهاب كما وقع على عدة اتفاقيات والبروتوكولات تلزمهم كباقي الدول بالعمل على مناهضة هذا النوع من الجرائم التي تهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمعات ، وبالتالي التزام المغرب بهذه الاتفاقيات يفرض عليه ملائمة القوانين الداخلية لمضموتها، علما أن المجلس الأعلى في قرار له يعطي الأسبقية في التطبيق للاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي وأن المحاكم بهذا المقتضى.
وأضاف السيد بوزوبع، وزير العدل، بأن الانتدابات القضائية التي توصل بها المغرب من دول أجنبية لتنفيذها تفرض عليه وضع تعريف لجريمة في القانون الداخلي حتى يتمكن من تنفيذ الإنابات في إطار قانون دقيق.
وواضح أن الغاية من تحديد مفهوم دقيق للإرهاب هو تقييد سلطة المحكمة بحيث لا يعطي القاضي تكييفا أو تأويلا لأية جريمة خطيرة على أنها جريمة إرهابية، وذكر بخصوص تسديد العقاب أن المشرع يسعى من ورائه الوقاية من الجريمة لان الأمر يتعلق بجريمة غير عادية دون المساس بالضمانات المتعلقة بالمحاكمات العادلة المنصوص عليها في القانون انطلاقا من الوضع تحت الحراسة النظرية وحضور المحامي وإمكانية تقديم الشهود …. إلخ .
وبالنظر للالتزامات الدولية للمغرب أعلن السيد الوزير أن إعداد مشروع القانون تم مند مدة من طرف وزارات العدل والداخلية وحقوق الإنسان الأمانة العامة للحكومة وبمشاركة أساتذة مختصين في القانون الجنائي، مؤكدا أن المشروع لا علاقة له بتداعيات 11 شتنبر 2001، أو أملته جهات معينة على الحكومة المغربية، وإنما فرصة التزام المغرب بالاتفاقيات الدولية التي أبرمها بإصدار قانون لمحاربة الإرهاب ووضع التشريعات داخلية تتلاءم مع مضمون هاته الاتفاقيات .
هذه هي الدوافع التي كانت وراء إصدار قانون الإرهاب قانون (03-03) والتي تعرضت لانتقاد شديد من طرف بعض الحقوقيين الذين اعتبروها غير كافية فهذا النقيب عبد الرحيم الجامعي مثلا، يرد بقوة على هذه المبررات التي قدمتها الحكومة عند تقديمها لمشروع قانون (03-03) .
ويعتبر أن جرائم الإرهاب الحقيقية هي تلك التي يرتكبها قادة بعض الدول وحكمها أو يخططون لها أو يأمرون بارتكابها مباشرة ( لتقتيل المدبر والممنهج والتعذيب والإتلاف والتخريب، وتدمير المنشآت في العراق وفلسطين) ولذلك فلابد من مواجهة هذا النوع من الجرائم كذلك بكل الحزم والجدية إذ هي لوحدها الآن تشكل تهديدا للسلامة والأمن الإنساني، والحريات الأساسية للمواطن ولا يتوقع أحد عواقبها ، ولا ينبغي معالجة الإرهاب الداخلي من دون محاربة الإرهاب الدولي .
ويتساءل أيضا النقيب عبدالرحيم الجامعي، كيف يتم القيام بتغيير أوصاف لجرائم معاقب عليها أصلا في مدونة القانون الجنائي المغربي، ويدخل عليها تعريفا ومفهوما يجعلها بسرعة أفعالا ذات طبيعية إرهابية، ونحن على يقين-والكلام دائما للنقيب الجامعي- كلنا أن العالم ومند أزيد من ثلاثة عقود وهو يحاول أن يجد تحديدا لمفهوم الإرهاب دون أن يصل العلماء والمجتهدون والخبراء والقضاة الدوليون إلى معنى مدقق سليم له، فحتى كالوبي كوفا المقررة خاصة لدى الأمين العام للأمم المتحدة في ملف الإرهاب.
وفي تقريرها الذي قدمته أمام لجنة حقوق الإنسان، بتاريخ 7 يونيو 1997 والتقارير اللاحقة، وقفت عدد الصعوبة الكبيرة في التعريف، وتحديد المفهوم، ولم يسعفها الاهتمام بموضوع قضايا الإرهاب الذي طرح دوليا وبالأساس بعد الحرب العالمية الثانية أمام الأمم المتحدة، ولجنة القانون الدولي، وسنوات 50، 70 إلى 2002، وانطلاقا الاتفاقيات المقترحة من قبل المنظمة الدولية للطيران المدني مثل اتفاقية طوكيو سنة 1963، واتفاقية لاهاي سنة 1970 وبعدها اتفاقية مونتريال لسنة 1971.
القواعد الجنائية، والتنصيص في قوانينه الوطنية على جرائم إرهابية حقيقة مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، وبمعنى أخر تفعيل إحدى الآليات القانون الأساسية لمحاربة دوليا وهي الاعتراف بالاختصاص القضائي الدولي والانضمام بعد التوقيع سنة 2000 إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية ، حتى يصبح قادرا على ملاحقة المتهمين غير المغاربة الذين يقترفون جرائم خارج المغرب قادرا على تلقي الشكايات من الضحايا وفتح التحقيقات الضرورية طبقا لقواعد المسطرة المحددة والمنصوص عليها ، أمام المحكمة المذكورة.
ولماذا قانون من أجل جرائم الإرهاب من دون قانون خاص يتعلق بالمسؤولية الجنائية للوزراء وكبار الموظفين الذين يتمتعون بامتيازات أصبحت تحميهم من المساءلة والمحاكمة عن الجرائم التي يقترفونها أثناء مزاولنهم لمهامهم حتى وإن كانت من ضمن ما يعتبر من أفعال لها علاقة بجرائم الإرهاب، كالاختطاف والتعذيب مثلا، ولماذا لا يطرح النقاش حول المحكمة العليا، حتى وإن كان النقاش من قبيل شعار، كفى من الإفلات من العقاب، أو من قبيل الحد من جرائم الاختطاف والتعذيب والمحاكمات غير العادلة التي لا تقل عنهما ضراوة وخطورة.
كما أن الأفعال المقترحة كجرائم ينص الفصل 208 مكرر من ق ج في المشروع ، فإنها في مجملها جرائم معاقب عليها في القانون الوطني إنه مشروع يكرر في مجمله ، ما هو موجود حاليا سواء من حيث الطبيعة أو العقوبة، وهكذا نجد مثلا أن الأفعال التي وردت بالمشروع لها ما يقابلها في النصوص المعمول بها حاليا.
* المشروع الجماعي الاتفاق والعصابات ورد في نصوص 293 إلى 299 المس بسلامة الدولة الداخلي ورد في نصوص 201 إلى 207 ، المس بسلامة الدولة الخارجي ورد في نصوص 181 إلى 200 المس بحياة الأفراد وسلامتهم وبحريتهم، الملك ورد في نصوص 163 إلى 180 ، الأفراد 392 إلى 424 .
* تزوير الوثائق والشهادات الإدارية ورد في نصوص 360 إلى 397.
* التخريب أو الإتلاف أو تحويل الطائرات أو السفن ورد في نصوص 580 إلى 607 وظهير 21/1974.
*السرقة وانتزاع الأموال ورد في نصوص 505 إلى 539.
*صنع أو حيازة أو استعمال أو ترويج الأسلحة أو المتفجرات بطريقة غير مشروعة : قانون العدل العسكري.
*تزوير أو تزييف الشيكات وغيرها من وسائل الأداء : مدونة التجارة والقانون الجنائي
*تكوين عصابات أو اتفاق من أجل ارتكاب عمل إرهابي 293 إلى 299.
من هنا يتضح أنه ليس هناك فراغ تشريعي ، وليس هناك دواعي قانونية لمثل هذا المشروع وليست الدعوة إليه دوليا سابقا والإلحاح عليه من جديد إلا غاية سياسية تهم بعض أقطاب العالم.
لكن، إذا كانت الحاجة تتطلب مسايرة النموذج الدولي، أي تعديل بعض قواعد ونصوص من القانون الجنائي، فإنه لا بد من أن لا يتم ذلك على حساب مرتكزات الحقوق بالمسطرة الجنائية، أي التضحية بحقوق الإنسان طبقا لتوصيات حقوق الإنسان، وعلى حساب احترام القانون والمكتسبات في مجالات الحرية الفردية، وحقوق الدفاع.
يجب أن لا تتغلف بغلاف جرائم الإرهاب، والمس بالنظام العام وسلامة الدولة، والمتابعات بمناسبة ممارسة حرية التعبير والتفكير ، والرأي والاحتجاج والتجمع
يمكن حصر هذه الأسباب أو الدوافع التي كانت وراء إصدار الإرهاب المشرع المغربي لقانون سببين رئيسيين أولهما التزايد الخطير لظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي، وثانيهما غياب نصوص تشريعية مختصة قادرة على صد ومكافحة هذه الظاهرة.
الفقرة الأولى: تزايد ظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي.
جاء في المذكرة التقديمية لمشروع قانون مكافحة الإرهاب: تعرف الظاهرة الإجرامية تطورا كبيرا، وقد انتقلت في يومنا الحالي من مرحلة العمل العفوي إلى مرحلة العمل المنظم في إطار مشاريع إجرامية تستخدم فيها أحدث التقنيات والاختراعات العلمية والتكنولوجية، يستهدف الجناة من ورائها زعزعة الأمن والنظام العامين والمس بسلامة وحياة الأفراد، وتخريب المنشآت والمرافق العامة أو الخاصة والنيل من هيبة الدولة وشموخها في أنظار مواطنيها وأنظار المجتمع الدولي .
من هنا نجد أن الجريمة الإرهابية أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد الحياة اليومية للإنسان في أي مكان في العالم ، كما تهدد أمن وسلامة المجتمعات ككل وتكمن خطورتها في اعتمادها على بث الرعب في النفوس وفي كون مرتكبيها لا يتورعون عن استهداف الجميع بدون تمييز بين الأطفال والنساء والشيوخ غايتهم في ذلك إثارة القلاقل والفوضى وزعزعة ثقة الأفراد في قدرة الدولة في حفظ الأمن والسلام.
هذا بالإضافة لما تشكله الجريمة الإرهابية من تهديد مستمر لكيان الدولة، مما يضطرها لتخصيص ميزانيتها ونفقات باهظة للتدبير الأمنية، عوض استثمارها في المشاريع التنموية. ومواكبة لهذه التطورات واعتبارا للاقتناع الراسخ لدى المجتمع الدولي بالضرورة الملحة لوضع استراتيجيات محكمة لمكافحة الجريمة الإرهابية من جهة وزجر مرتكبيها من جهة أخرى، خاصة مع تزايد حجم هذه الظاهرة عبر العالم مما يكشف عن قصور القوانين الحالية في معالجتها.
فالمغرب ظل وإلى حدود العقد الأخير من القرن العشرين بلدا للسلم والأمان وتلاقي الأديان والحضارات إلى أن دخل عليه فجأة هذا الشبح المخيف ليلة الجمعة 16 ماي 2003 ليقوض مضجع المغاربة على لهيب النيران والجثث المتلاشية في إحدى شوارع الدار البيضاء الأبرياء لا ذنب لهم، إلا أنهم اختاروا أن ينفسوا عن أنفسهم قليلا بعد أسبوع شاق من العمل.
لكنه تجدر الإشارة هنا أن بوادر هذه الفاجعة كانت بادية في الأفق مند أحداث الحادي عشر من شتنبر بالولايات المتحدة الأمريكية حيث بدا الحديث عن بعض الخلايا الإرهابية في المغرب، ففي 12 ماي 2002 ألقي القبض على مواطنين سعوديين : هلال جابر العسيري ،وزهير هلال محمد شبتي، رفقة أحد أصهارهم (عبدالمجيد الكارح) مغربي الجنسية، وذلك قرب مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، في الوقت الذي كان أحدهم (زهير الشبتي) يتأهب لمغادرة المغرب، وكانوا رفقة سيدات مغربيات، إثنتان منهما متزوجات بسعوديين من المعتقلين.
وفي يوم 13 ماي 2002 ألقي القبض على السعودي الثالث المسمى عبدالله مسفر الغامدي، رفقة المغربي محمد نديري بأحد المقاهي بمدينة أكادير.
وبينما سيفرج عن الصهر (عبدالمجيد الكارح) بعد استنطاقه بقي السعوديون الثلاثة رهن الاحتجاز بمقر المخابرات إلى حين صدور بلاغ من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء ، بتاريخ 18 يونيو2002 يتحدث عن ضبط خلية نائمة كانت تعتزم القيام بتفجيرات في مضيق جبل طارق لسفن تابعة للحلف الأطلسي ، والقيام بتفجيرات في مضيق جبل طارق لسفن تابعة للحلف الأطلسي، والقيام بتفجيرات في مقهى بمدينة مراكش ( ساحة جامع الفنى) وحافلات ctm وإحالتهم على قاضي التحقيق .
فهذه الأحداث، وقبلها أحداث فندق “هلنستي” بمراكش سنة 1994 ، كانت عبارة عن بوادر واضحة لعمل إرهابي مفجع ينتظره المغرب، خاصة إذا استحضرنا النمو الواضع لبعض المكونات المتطرفة في المغرب، والمتمثلة في :
“السلفية الجهادية”، ” الهجرة والتكفير” ، “الدعوة والتبليغ”، ” الصراط المستقيم”، ” أهل السنة والجماعة”،” تنظيم القاعدة”،” المذهب الشيعي”،” ….، فهذه المكونات الغريبة عن الجسم المغربي جاءت من المشرق العربي لتنغص على المغاربة حياتهم الهادئة والآمنة.
ففي هذا الجو العام جاءت أحداث 16 ماي 2003، كصدمة عنيفة للمجتمع المغربي، فالأول مرة تقع أحداث إجرامية بهذا العنف وبهذه الوسيلة، فقد فجر أحدى عشر شابا أنفسهم في خمسة أماكن مختلفة بالدار البيضاء مستهدفين فندقا وسط المدينة ” فندق فرح” ومطعمين ” دار إسبانيا” وبوزيتانو “، ومقر الرابطة اليهودية بالقرب من مطعم بوزيتانو، ومدخل المقبرة اليهودية بالمدينة القديمة.
وقد أسفرت الانفجارات عن مقتل 42 شخصا، ز35 منهم مغاربة بما فيهم 11 من الانتحاريين، و7 أجانب كما أسفرت عن حوالي 100 جريح .
وبغض النظر عن خلفيات الأحداث والواقفين وراءها وأسبابها فقد عرفت إجماعا في الإدانة من مختلف أوساط الشعب المغربي سواء تعلق الأمر بالأحزاب السياسية، والنقابات ، ومنظمات حقوق الإنسان، ومختلف منظمات المجتمع المدني، وقواه الحية، والتي عبرت عن تضامنها مع الضحايا وعائلاتهم ، كما اعتبرت هذه الأعمال الإجرامية منافية لتعاليم الدين الإسلامي ونظمت هذه القوى مسيرة بالدارالبيضاء يوم الأحد 25 ماي 2003 لتعلن رفضها وإدانتها للإرهاب والإرهابيين.
وقد اعتبرت السلطات العمومية أن الأحداث الإرهابية لن تثني البلاد عن الاستمرار في مسلسل الإصلاحات وتشييد المروع المجتمعي والديمقراطي ولحداتي، كما حيت موقف المغاربة من هذه الأحداث، مسيرة إلى عزمهم على التصدي بحزم لمروجي التعصب والعنف في إطار سياسة القانون، ونهج استراتيجية شمولية ومتعددة الأبعاد لمحاربة الإرهاب ( سياسة، مؤسساتية، اقتصادية، دينية، تربوية، ثقافية، إعلامية) بهدف تكوين المواطن المتشبع بقيم التفتح والعصرية والاعتدال والتسامح .
وقد أعقبت أحداث الدار البيضاء جملة واسعة من الاعتقالات في مختلف مناطق المغرب، شملت مئات الأشخاص الذين قدموا كمشتبه في تورطهم في أحداث الدار البيضاء ، أو في أعمال إجرامية ذات الصلة بها، كما شملت أشخاصا اعتبروا شيوخا ومنظرين لهذا التنظيم التي أطلقت عليها السلطات الرسمية وجزء كبيرا من وسائل الإعلام اسم ” الجهادية”، ونسبت أليها أحداث 16 ماي 2003، وأحداث عنف أخرى وتمت الاعتقالات في عدة مدن كالدار البيضاء وطنجة وتطوان والناظور وتارة وأكادير وفاس والرباط ومدن أخرى.
وقد أكد وزير العدل محمد بوزوبع ، أن عدد المتابعين أمام المحاكم أثر هذه الاعتقالات بلغ حتى 4 غشت 2003، 1048 متوزعين على 20 محكمة، بشكل المتابعون منهم أحداث 16 ماي 634 متهما.
وقد تحدث الوزير عن توزيع المتهمين على عدة تنظيمات وصفها بالإرهابية وصنفها من حيث الانتماء على 8 مجموعات :
1- السلفية الجهادية 699 شخصا.
2- الهجرة والتكفير 19 شخصا.
3- الدعوة والتبليغ 60 شخصا.
4- العدل والإحسان 120 شخصا.
5- الصراط المستقيم 17 شخصا
6- أهل السنة والجماعة 16 شخصا.
7- تنظيم القاعدة 11 شخصا.
8- المذهب الشيعي 06 شخصا.الفقرة الثانية: ملئ الفراغ التشريعي لظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي
وقد توبع أغلب المعتقلين بتهم مرتبطة بتكوين عصابة إجرامية، وبالقتل العمد والتخريب، والإبداء والمس بسلامة الدولة الداخلية، والمشاركة في ذلك.
وإن كان قد إغلاق ما يسمى بملف الخلية النائمة بصدور أحكام 22 فبراير 2003، فإن جل المحاكمات المرتبطة بأعمال العنف والإرهاب قد جرت في صيف 2003 ( ما بين يوليوز ونهاية شتنبر).
حيث صدرت أحكامها قبل دخول المسطرة الجنائية الجديدة حيز التنفيذ في أكتوبر 2003
فهذه الأحداث هي التي عجلت بخروج قانون الإرهاب إلى حيز الوجود، بعدما ظل معلقا لعدة شهور بسبب معارضة بعض القوى السياسية والحقوقية له، نظرا لما يتضمنه من خروقات سافرة في مجال حقوق الإنسان وفي هذا المجال يقول الملك محمد السادس :” …. وإذا كانت الدولة إدراكا منها للأخطار الإرهابية قد تحملت مسؤوليتها في محاربتها والحرص على الوقاية بمنعها بقوة القانون عن طريق نصوص ظلت معروضة على البرلمان عدة شهور فإن بعض الأوساط عملت على المعارضة المنهجية لتوجهات السلطات العمومية مسيئة استعمال حرية الرأي.
فللجميع أقول…. إن التمتع بالحقوق والحريات يقتضي القيام بواجبات والتزامات المواطنة مؤكد أن بناء الديمقراطية وترسيخها لا يمكن أن يتم إلا في ظل الدولة القوية بسيادة القانون. ولقد دقت ساعة الحقيقة معلنة نهاية زمن التساهل في مواجهة من يستغلون الديمقراطية للنيل من سلطة الدولة أو من يروجون أفكار تشكل تربة خصبة لزرع أشواك الانغلاق والتزمت والفتنة أو يعرقلون قيام السلطات العمومية والقضائية بما يفرضها عليها القانون من وجوب بالحزم في حماية وأمن الأشخاص والممتلكات .
الفقرة الثانية: ملئ الفراغ التشريعي لظاهرة الإرهاب في المجتمع المغربي
وجاء أيضا في المذكرة التقديمية لمشروع القانون (03-03) وبالنظر لمصادقة المملكة المغربية على جملة من المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والقضاء على جريمة المنظمة عبر الوطنية ووفائ بالتزاماتها هذه اتجاه المجتمع الدولي وتفعيلا لالتزامها الدستوري في مواصلة العمل للحفاظ على السلام والأمن، وأمام الفراغ فيما يتعلق بتجريم العمل الإرهابي والعقاب عنه واعتبارا لكون التشريع الجنائي تشريعا يتصف بالمرونة وقابل لمسايرة التطورات الاجتماعية والسياسية وقادر على التصدي لمكافحة المتغيرات والمستجدات، كان يلزم على المشرع أن يتدخل ليساير التغييرات التي تصيب النظام الاجتماعي والاقتصادي ويمنح للسلطات العمومية والآليات القانونية الملائمة والفعالة لتصدي لظاهرة الإرهاب، أخذا بعين الاعتبار خصوصية هذه الظاهرة وخطورتها وعمق أثارها على الكيان الداخلي للمجتمع وسلامته وموقع الأمة في المنتظم الدولي، وانطلاقا من هذه المعطيات جاء الاختيار مشروع قانون يتعلق بمكافحة الإرهاب . وجاء في العرض الذي قدمه محمد بوزبع ، وزير العدل أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، في دورة أبريل 2003، بأن أسباب ودواعي تقديم مشروع قانون (03-03) تهدف بالأساس إلى سد الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة الإرهابية، التي تشكل تهديدا مستمرا لأفراد المجتمعات فكان لزاما على المشرع التدخل ليساير التغييرات التي تصيب النظام الاجتماعي والاقتصادي وتمكين السلطات العمومية من الآليات القانونية الضرورية للتصدي لظاهرة الإرهاب. وأشار السيد الوزير أن المغرب سبق لهم أن وقع سنة 1998 على الاتفاقية العربية المتعلقة بمكافحة الإرهاب كما وقع على عدة اتفاقيات والبروتوكولات تلزمهم كباقي الدول بالعمل على مناهضة هذا النوع من الجرائم التي تهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمعات ، وبالتالي التزام المغرب بهذه الاتفاقيات يفرض عليه ملائمة القوانين الداخلية لمضموتها، علما أن المجلس الأعلى في قرار له يعطي الأسبقية في التطبيق للاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي وأن المحاكم بهذا المقتضى.
وأضاف السيد بوزوبع، وزير العدل، بأن الانتدابات القضائية التي توصل بها المغرب من دول أجنبية لتنفيذها تفرض عليه وضع تعريف لجريمة في القانون الداخلي حتى يتمكن من تنفيذ الإنابات في إطار قانون دقيق.
وواضح أن الغاية من تحديد مفهوم دقيق للإرهاب هو تقييد سلطة المحكمة بحيث لا يعطي القاضي تكييفا أو تأويلا لأية جريمة خطيرة على أنها جريمة إرهابية، وذكر بخصوص تسديد العقاب أن المشرع يسعى من ورائه الوقاية من الجريمة لان الأمر يتعلق بجريمة غير عادية دون المساس بالضمانات المتعلقة بالمحاكمات العادلة المنصوص عليها في القانون انطلاقا من الوضع تحت الحراسة النظرية وحضور المحامي وإمكانية تقديم الشهود …. إلخ .
وبالنظر للالتزامات الدولية للمغرب أعلن السيد الوزير أن إعداد مشروع القانون تم مند مدة من طرف وزارات العدل والداخلية وحقوق الإنسان الأمانة العامة للحكومة وبمشاركة أساتذة مختصين في القانون الجنائي، مؤكدا أن المشروع لا علاقة له بتداعيات 11 شتنبر 2001، أو أملته جهات معينة على الحكومة المغربية، وإنما فرصة التزام المغرب بالاتفاقيات الدولية التي أبرمها بإصدار قانون لمحاربة الإرهاب ووضع التشريعات داخلية تتلاءم مع مضمون هاته الاتفاقيات .
هذه هي الدوافع التي كانت وراء إصدار قانون الإرهاب قانون (03-03) والتي تعرضت لانتقاد شديد من طرف بعض الحقوقيين الذين اعتبروها غير كافية فهذا النقيب عبد الرحيم الجامعي مثلا، يرد بقوة على هذه المبررات التي قدمتها الحكومة عند تقديمها لمشروع قانون (03-03) .
ويعتبر أن جرائم الإرهاب الحقيقية هي تلك التي يرتكبها قادة بعض الدول وحكمها أو يخططون لها أو يأمرون بارتكابها مباشرة ( لتقتيل المدبر والممنهج والتعذيب والإتلاف والتخريب، وتدمير المنشآت في العراق وفلسطين) ولذلك فلابد من مواجهة هذا النوع من الجرائم كذلك بكل الحزم والجدية إذ هي لوحدها الآن تشكل تهديدا للسلامة والأمن الإنساني، والحريات الأساسية للمواطن ولا يتوقع أحد عواقبها ، ولا ينبغي معالجة الإرهاب الداخلي من دون محاربة الإرهاب الدولي .
ويتساءل أيضا النقيب عبدالرحيم الجامعي، كيف يتم القيام بتغيير أوصاف لجرائم معاقب عليها أصلا في مدونة القانون الجنائي المغربي، ويدخل عليها تعريفا ومفهوما يجعلها بسرعة أفعالا ذات طبيعية إرهابية، ونحن على يقين-والكلام دائما للنقيب الجامعي- كلنا أن العالم ومند أزيد من ثلاثة عقود وهو يحاول أن يجد تحديدا لمفهوم الإرهاب دون أن يصل العلماء والمجتهدون والخبراء والقضاة الدوليون إلى معنى مدقق سليم له، فحتى كالوبي كوفا المقررة خاصة لدى الأمين العام للأمم المتحدة في ملف الإرهاب.
وفي تقريرها الذي قدمته أمام لجنة حقوق الإنسان، بتاريخ 7 يونيو 1997 والتقارير اللاحقة، وقفت عدد الصعوبة الكبيرة في التعريف، وتحديد المفهوم، ولم يسعفها الاهتمام بموضوع قضايا الإرهاب الذي طرح دوليا وبالأساس بعد الحرب العالمية الثانية أمام الأمم المتحدة، ولجنة القانون الدولي، وسنوات 50، 70 إلى 2002، وانطلاقا الاتفاقيات المقترحة من قبل المنظمة الدولية للطيران المدني مثل اتفاقية طوكيو سنة 1963، واتفاقية لاهاي سنة 1970 وبعدها اتفاقية مونتريال لسنة 1971.
القواعد الجنائية، والتنصيص في قوانينه الوطنية على جرائم إرهابية حقيقة مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، وبمعنى أخر تفعيل إحدى الآليات القانون الأساسية لمحاربة دوليا وهي الاعتراف بالاختصاص القضائي الدولي والانضمام بعد التوقيع سنة 2000 إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية ، حتى يصبح قادرا على ملاحقة المتهمين غير المغاربة الذين يقترفون جرائم خارج المغرب قادرا على تلقي الشكايات من الضحايا وفتح التحقيقات الضرورية طبقا لقواعد المسطرة المحددة والمنصوص عليها ، أمام المحكمة المذكورة.
ولماذا قانون من أجل جرائم الإرهاب من دون قانون خاص يتعلق بالمسؤولية الجنائية للوزراء وكبار الموظفين الذين يتمتعون بامتيازات أصبحت تحميهم من المساءلة والمحاكمة عن الجرائم التي يقترفونها أثناء مزاولنهم لمهامهم حتى وإن كانت من ضمن ما يعتبر من أفعال لها علاقة بجرائم الإرهاب، كالاختطاف والتعذيب مثلا، ولماذا لا يطرح النقاش حول المحكمة العليا، حتى وإن كان النقاش من قبيل شعار، كفى من الإفلات من العقاب، أو من قبيل الحد من جرائم الاختطاف والتعذيب والمحاكمات غير العادلة التي لا تقل عنهما ضراوة وخطورة.
كما أن الأفعال المقترحة كجرائم ينص الفصل 208 مكرر من ق ج في المشروع ، فإنها في مجملها جرائم معاقب عليها في القانون الوطني إنه مشروع يكرر في مجمله ، ما هو موجود حاليا سواء من حيث الطبيعة أو العقوبة، وهكذا نجد مثلا أن الأفعال التي وردت بالمشروع لها ما يقابلها في النصوص المعمول بها حاليا.
* المشروع الجماعي الاتفاق والعصابات ورد في نصوص 293 إلى 299 المس بسلامة الدولة الداخلي ورد في نصوص 201 إلى 207 ، المس بسلامة الدولة الخارجي ورد في نصوص 181 إلى 200 المس بحياة الأفراد وسلامتهم وبحريتهم، الملك ورد في نصوص 163 إلى 180 ، الأفراد 392 إلى 424 .
* تزوير الوثائق والشهادات الإدارية ورد في نصوص 360 إلى 397.
* التخريب أو الإتلاف أو تحويل الطائرات أو السفن ورد في نصوص 580 إلى 607 وظهير 21/1974.
*السرقة وانتزاع الأموال ورد في نصوص 505 إلى 539.
*صنع أو حيازة أو استعمال أو ترويج الأسلحة أو المتفجرات بطريقة غير مشروعة : قانون العدل العسكري.
*تزوير أو تزييف الشيكات وغيرها من وسائل الأداء : مدونة التجارة والقانون الجنائي
*تكوين عصابات أو اتفاق من أجل ارتكاب عمل إرهابي 293 إلى 299.
من هنا يتضح أنه ليس هناك فراغ تشريعي ، وليس هناك دواعي قانونية لمثل هذا المشروع وليست الدعوة إليه دوليا سابقا والإلحاح عليه من جديد إلا غاية سياسية تهم بعض أقطاب العالم.
لكن، إذا كانت الحاجة تتطلب مسايرة النموذج الدولي، أي تعديل بعض قواعد ونصوص من القانون الجنائي، فإنه لا بد من أن لا يتم ذلك على حساب مرتكزات الحقوق بالمسطرة الجنائية، أي التضحية بحقوق الإنسان طبقا لتوصيات حقوق الإنسان، وعلى حساب احترام القانون والمكتسبات في مجالات الحرية الفردية، وحقوق الدفاع.
يجب أن لا تتغلف بغلاف جرائم الإرهاب، والمس بالنظام العام وسلامة الدولة، والمتابعات بمناسبة ممارسة حرية التعبير والتفكير ، والرأي والاحتجاج والتجمع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق